في مكتب جمعية «ضحايا سجون الاحتلال الأميركي في العراق» في العاصمة الأردنية، يجلس رئيسها علي القيسي بين صورة لغاندي وأخرى لمارتن لوثر كينغ وبجانبهما عبارة «في البداية يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر»، بينما تحتل صورة الملك الأردني عرض الحائط. على الطاولة، تتكدس ملفات سجناء عراقيين معتقلين حاليين وسابقين. أما شاشة حاسوبه، فتعرض آلاف الصور من سجن أبو غريب، ومن بينها صورته الشهيرة (الصورة)، مصلوباً على آلة التعذيب بالكهرباء ومغطى كالشبح. يقول القيسي إن «هذه الصورة تمثّل جزءاً صغيراً» مما عاناه خلال 6 أشهر من الاعتقال.
في عمّان، منذ 3 سنوات بدأ القيسي يؤسّس عهداً جديداً في مقاومة الاحتلال الأميركي وعملائه الذين يكن لهم الكثير الكثير، فهو يعدّ بالتعاون مع سجناء عراقيين سابقين، عشرات الوثائق التي تثبت ارتكابات الأميركيين وعملائهم بحق الشعب العراقي، السجناء منهم خصوصاً. من بين 160 دعوى مرفوعة لمقاضاة عدد من الجنود والضباط الذين شاركوا في عمليات الاعتقال والتعذيب داخل سجن أبو غريب وسواه (30 قضية قبلت أمام المحكمة الفدرالية الأميركية يتابعها محامون متطوعون عراقيون وعرب في بريطانيا وأميركا). يتوقف القيسي طويلاً عند تورط عدد من اللبنانيين في هذه الأعمال، جنباً إلى جنب مع الإسرائيليين. تملك الجمعية عشرات الوثائق التي تثبت، بحسب القيسي، «مشاركة لبنانيين كانوا عناصر في ميليشيا لحد»، منهم من «فرَّ مع الإسرائيليين إلى فلسطين المحتلة في تحرير عام 2000 ثم لجأ إلى دول أوروبية، لكنه حافظ على تعاونه مع الموساد الإسرائيلي». يضيف: «عبر هذه العلاقة دخلوا العراق مع جنود الاحتلال الذين استعانوا بهم في جلسات التحقيق وانتزاع المعلومات من السجناء والتعذيب». ويعطي قيسي مثالاً دعوى قضائية مرفوعة أمام القضاء الأميركي بتهمة التعذيب «يشترك فيها كل من العميل اللحدي السابق عادل ن. الذي يحمل الجنسية الأميركية، ونزار د. الذي يحمل الجنسية الدنماركية وضابط إسرائيلي كان يجول على السجناء متحدثاً عن بطولاته في غزة (قبل العدوان الأخير) وجنوب لبنان». ويؤكد القيسي أن كل فرقة تحقيق تابعة لشركة «كايسي» الأميركية التي تدير السجون الأميركية تضم لبنانياً واحداً على الأقل، إضافةً إلى عرب من جنسيات أخرى كالكويتية مثلاً.
ولما كان الأميركيون البالغ عددهم في العراق 250 ألفاً، يستعينون بلبنانيين في كل قوة عسكرية تقوم بعمل أمني لمعرفتهم باللغة العربية، تفاقمت بين العراقيين «نقمة عارمة ضد اللبنانيين بسبب اعتقادهم بأن المتورطين في هذه الأعمال يأتون من لبنان وليسوا عملاء هاربين من العدالة اللبنانية»، لذلك، ربما، شهد العراق لمن يذكر في سنوات الاحتلال الأولى خطفاً للبنانيين عديدين ذهب عدد منهم ضحية هذا الخلط. لذا، يدعو القيسي «الحريصين إلى التصدي لبعض اللبنانيين الذين يسيئون بعمالتهم إلى سمعة لبنان».
منتظر الردود